المشاركات الشائعة

السبت، 30 أبريل 2011

يطيــــــــــــر الحمـــام....قصيدة





يطيرُ الحمامُ 
يطيرُ الحمامُ 
يَحُطُّ الحمامُ 
أعدي ليَ الأرض كي أستريحَ 
فإني أحبك حتى التعب 
صباحك فاكهةٌ للأغاني 
وهذا المساءُ ذَهَب 
ونحن لنا حين يدخل ظِلٌ إلى ظِلِّه في الرخام 
وأشبهُ نفسي حين أُعلقُ نفسي 
على عُنُقٍ لا تعانقُ غير الغمامِ 
وأنتِ الهواءُ الذي يتعرى أمامي كدمع العنب 
وأنتِ بداية عائلة الموج حين تَشَبَّثَ بالبرِّ 
حين اغترب 
وإني أحبك ، أنتِ بدايةُ روحي ، وأنتِ الختامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

أنا وحبيبيَ صوتان في شفةٍ واحدة 
أنا لحبيبي أنا ، وحبيبي لنجمته الشاردة 
وندخلُ في الحلمِ ، لكنه يتباطأ كي لا نراه 
وحين ينام حبيبي أصحوا لكي أحرس الحُلمَ مما يراه 
وأطردُ عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي 
وأختارُ أيامنا بيديّ 
كما اختار وردة المائدة 
فنم يا حبيبي 
ليصعد صوتُ البحار إلى ركبتي 
ونم يا حبيبي 
لأهبط فيك وأُنقذَ حُلمكَ من شوكةٍ حاسده 
ونم يا حبيبي 
عليك ضفائر شعري عليك السلامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

رأايتُ على البحر إبريل 
قلت: نسيت انتباه يديكِ 
نسيتِ التراتيلَ فوق جرحي 
فكم مرَّةً تستطيعنَ أن تولدي في منامي 
وكم مرةًَ تستطيعينَ أن تقتليني لأصرخك : أني أحبكِ 
كي تستريحي ؟ 
أناديك قبل الكلام 
أطير بخصركِ قبل وصولي اليك 
فكم مرةً تستطيعين أن تضعي في مناقير هذا الحمام 
عناوين روحي 
وأن تختفي كالمدى في السفوحِ 
لأدرك أنكِ بابلُ ، مصرُ ، وشامُ 

يطيرُالحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديَّ 
ومن شجري ومن سريري الصغير ومن ضجري 
من مرايايَ في قمري من خزانة عمري ومن سهري 
من ثيابي ومن خفري؟ 
إلى أين تأخذني يا حبيبي إلى أين 
تُشعل في أذني البراري تُحَمِّلني موجتين 
وتكسر ضلعين تشربني ثم تقودني 
ثم تتركني في طريق الهواء اليك 
حرامُ...... حرامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

لأني أحبك ، خاصرتي نازفة 
وأركض من وجعي في ليلٍ يُوسِّعها الخوفُ مما أخافُ 
تعالي كثيراً وغيبي قليلاً 
تعالي قليلاً وغيبي كثيراً 
نعالي نعالي ولا تقفي ، آه من خطوةٍ واقفه 
أُحبكِ إذ أشتهيكِ أُحبكِ إذ أشتهيك 
وأحفن هذا الشعاع المطوقَ بالنحل والوردة الخاطفة 
أحبك يا لعنة العاطفه 
أخاف على القلب منك ، أخاف على شهوتي أن تصل 
أُحبك إذ أشتهيكِ 
أحبك يا جسداً يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل 
أحبك إذ أشتهيكِ 
أُطوع روحي على هيئة القادمين على هيئة الجنتين 
أحكُ جروحي بأطراف صمتك... والعاصفه 
أموت ، ليجلس فوق يديكِ الكلامُ 

يطير الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 



لأني أُحبك يجرحني الماءُ 
والطرقات الى البحر تجرحني 
والفراشةُ تجرحني 
وأذانُ النهار على ضوء زنديك يجرحني 
يا حبيبي أناديك طيلة نومي ، أخاف انتباه الكلام 
أخاف انتباه الكلام الى نحلة بين فخذيَّ تبكي 
لأني أحبك يجرحني الظل تحت المصابيح 
يجرحني طائرٌ في السماء البعيدة 
عطر البنفسج يجرحني 
أول البحر يجرحني 
آخر البحر يجرحني 
ليتني لا أحبكَ 
يا ليتني لا أحبُّ 
ليشفى الرخامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

أراكِ فأنجو من الموت . جسمكِ مرفأ 
بعشر زنابقَ بيضاء ، عشر أنامل تمضي السماءُ 
إلى أزرق ضاع منها 
وأمسكُ هذا البهاء الرخاميَّ ، أمسكُ رائحةً للحليب المخبأ 
في خوختين على مرمر ، ثم أعبد من يمنح البرَّ والبحر ملجأ 
على ضفة الملح والعسل الأولين ، سأشرب خروب ليلك 
ثم أنامُ 
على حنطةٍ تكسر الحقل ، تكسر حتى الشهيق فيصدأ 
أراك فأنجو من الموت جسمك مرفأ 
فكيف تشردني الأرضُ في الأرض 
كيف ينام المنامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

حبيبي ، أخاف سكوت يديك 
فَحُكَّ دمي كي تنام الفرسْ 

حبيبي تطير إناث الطيور إليك 
فخذني انا زوجةً أو نَفَسْ 
حبيبي ، سأبقى سأبقى ليكبر فُستُقُ صدري لديكْ 
ويجتثني مِنْ خطاك الحرسْ 
حبيبي سأبكي عليكَ عليكَ عليكْ 
لأنك سطحُ سمائي 
وجسمي أرضُكَ في الارضِ 
جسمي مقَامُ 

يطير الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

رأيت على الجسر أندلس الحبّ والحاسَّة السادسة 
على وردة يابسة 
أعاد لها قلبها 
وقال : يكلفني الحُبُّ ما لا أُحبُ 
يكلفني حُبها. 
ونام القمر 
على خاتم ينكسر 
وطار الحمامُ 

رأيت على الجسر أندلُسَ الحب والحاسة السادسه 
على دمعةٍ يائسه 
أعادت له قلبهُ 
وقالت : يكلفني الحب ما لا أحبُ 
يكلفني حُبَّهُ 
ونام القمر 
على خاتم ينكسر 
وطار الحمام. 
وحط على الجسر والعاشقينِ الظلامُ 

يطيرُ الحمامُ 
يحطُ الحمامُ 

الخميس، 28 أبريل 2011

في سطــــــــــــــور....


 


كان يطرح قضايا العرب ويدافع عنهم كأقلية ضمن المجتمع الإسرائيلي , وهو الذي رفع شعاراً يقول:
((مع الشعوب العربية ضد الاستعمار)) فاختلط العرب مع اليهود تحت حلم أممي يطمح للتعايش والتغيير , حيث لم يكن لكلمة الشيوعية معنى أيديولوجي بل كان لها معنى نضالي ووطني فبدأ يكتب الشعر والمقالات  في جرائد الحزب مثل "الاتحاد" و"الجديد" التي أصبح فيما بعد مشرفاً على تحريرها, وذاع صيته في المجتمع العربي في فلسطين بوصفه شاعراً للمقاومة لدرجة أنه كان قادراً بقصائده على أرباك حملة السلاح الصهاينة, فحينئذ كانت الشرطة الإسرائيلية تحاصر أي قرية تقيم أمسية شعرية لمحمود درويش, وبعد سلسلة من المحاصرات اضطر الحاكم العسكري إلى تحديد إقامته في الحي الذي يعيش فيه ظاناً أنه سيكتم صوت الشاعر عبر منعه من إقامة أمسياته.




ولم يسلم من مضايقة الاحتلال حيث اعتقل أكثر من مرة بتهم تتعلق بأقواله ونشاطاته السياسية وذلك حتى عام 1970 حيث توجه إلى الإتحاد السوفيتي للدراسة, وكانت موسكو أول لقاء له بالعالم الخارجي , لكن اصطدامه بمشاكل الروس جعلت فكرة "فردوس الفقراء" التي هي موسكو تتبخر من ذهنه وتتضاءل , لم يجدها أبداً جنة الفقراء كما قرأ عنها حيث كان هناك تناقض كبير بين ما يقوله الإعلام السوفياتي عن موسكو والواقع الذي يعيش فيه الناس وهو مملوء بالحرمان والفقر والخوف وهذا ما حوّل مدينة موسكو من مثال إلى مدينة عادية فانتقل عام 1971 إلى القاهرة التي اعتبر دخوله إليها من أهم الأحداث في حياته الشخصية حيث ترسخ قرار خروجه من فلسطين وعدم العودة إليها ولم يكن هذاالقرار سهلاً ,وفي القاهرة عُيّن في نادي كتاب "الأهرام" حيث التقى بتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس كما توطدت علاقته بكوكبة من الشعراء المصريين منهم: صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي وأمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودي , بعد القاهرة غادر محمود درويش إلى بيروت بعد أن التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة للمنظمة, قبل أن يقدم استقالته من اللجنة التنفيذية للمنظمة احتجاجاً على اتفاق أوسلوالذي لم يكن - على حد قوله - عادلاً لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته الفلسطينية.





وقف طويلاً أمام خيار العودة , شعر أن من واجبه الوطني والأخلاقي ألا يبقى في المنفى , فاختار أن يعود ,فعاد إلى رام الله وأصبح يتنقل بين مدينتي رام الله وعمان التي أحبها لقربها من فلسطين لطيبة شعبها وجوها الهادئ حيث كان يهرب إليها من مشاغل الحياة الوطنية واليومية التي تسرق منه وقت الكتابة ليستفيد من عزلته فيها .
 


- تزوج محمود درويش مرتين, الأولى في واشنطن عام 1977  من الكاتبة "رنا قباني" - ابنة الدكتور صباح قباني شقيق الشاعر السوري الكبير نزار قباني – ولم يدم زواجهما أكثر من أربعة أعوام , وفي منتصف الثمانينات تزوج من المترجمة المصرية "حياة الهيني" وبعد عام واحد انفصلا بسلام ولم يتزوج مرة ثالثة , وقد اعترف بفشله في الحب والزواج معللاً ذلك بانتمائه إلى برج "الحوت" وعن هذا الموضوع يقول:
محمود درويش: ((أحب أن أقع في الحب وحين ينتهي أدرك أنه لم يكن حباً .. الحب لا بد أن يعاش لا أن يتذكر, إنني مدمن على الوحدة, الشعر محور حياتي ما يساعد شعري أفعله وما يضره أتجنبه)).

...

دواويـــــــــن محمود د رويش....

كان للشاعر محمود درويش الاثر الكبير الذي خلفه بعد مماته... وكان لهذا الأثر الفضل الكبير لدواوينه التي ترجمت من بعده الى عدة

لغات عالمية... وفي ما يلي أهم دواوينه وأكثرها رواجـــا...


سريـــــــــــــر الغريبة




كزهر اللوز أو أبعـــد



أثـــــــــــر الفراشـــة



حبيبتــــــــي تنهض من نومهـــا




لا أريــــــــد لهذه القصيدة أن تنتهي




.....


كتبـــــــوا في درويــش.....


الكاتبة/ لميعة عباس



من الذكريات .. مع محمود درويش
(فاجأنا هنا الشاعر الطالع توّاً من فوهة الثورة) مع أن ساحة الشعر كانت ملأى بشعراء الحداثة البارزين، ولكن محمود درويش كان وكأنه يكتب بلغة جديدة غير لغتهم أو غير لغتنا، مما يزيدني فخراً واعتزازاً باللغة العربية التي لا حدود لتجددها، وكيف تفتح خزائنها لمن يبدع في تنسيق هذه الحروف المعروفة المصفوفة منذ ألفي سنة.
خرج محمود درويش للعالم العربي من سجون مضاعفة عن سجن الاحتلال وقيود الإقامة الإجبارية التي تستهلك معظم نهاره لإثبات وجوده، إلى المجتمع العربي الواسع ظاهرياً المقيد بألف قيد غير مرئي خرج ليصفعه أول سؤال لم يعرف كيف يجيب عنه.
- أأنت شيعي أم سني؟
كان يظن أنه عربي فقط، فإذا به يرى العروبة أغصان تتشابك وأسلحة تتعارك.
خرج محمود درويش من الأرض المحتلة وقد درس بمدارسها وقرأ بلغتها أهم الكتب العالمية المترجمة إلى هذه اللغة التي كانت إلى ما قبل عقود قليلة تعد لغة ميتة أو محتضرة قرأت لمحمود درويش أول شعره فشممت رائحة الخبز ورائحة القهوة في كلمات تبدو بسيطة.
أحنُّ إلى خبز أمي وقهوة أمي وتتابع إعجابي بمحمود درويش.. وكتب نثراً يوازي شعره جدّة، فأحببنا نثره وشعره.
ثم عرفته شخصياً في لقاءات مهرجان المربد في العراق بداية1970، وسيماً أنيقاً حاداً كان يبدو لي متعالياً ساخراً بمن حوله، ذلك أول انطباع لي عنه.
وعرفته في بيروت ومنظمة التحرير في عنفوانها وهي على حافة الخطر كانت أصوات المتكلمين في قاعة جمال عبد الناصر تصلني إلى مسكني في شارع عفيف الطيبي فأذهب بصحبة إحدى الصديقات إلى تلك القاعة المكتظة بالغليان، وأحياناً كثيرة يكون محمود درويش أحد الخطباء فيها، وأكثر قصائده كانت رثاءً وهو يودع بين فترة وأخرى رفيقاً عزيزاً، كان إلقاؤه صراخاً وكنت أقول في نفسي: آه لو يتعلم محمود درويش أن يلقي شعره بأقل حدة، فيجعلنا نحن نصرخ بدلاً عنه، وكيف يخرج كل هذا الهدير من هذا الجسم الناعم. كانت آخر صرخاته في تلك القاعة وهو يتوجه بها إلى صفوف المنتظرين على قائمة القتل من رفاقه:
أمهلوني سنةً واحدةً، وافترقنا مثل شظايا في العالم المتفجر، وكنتُ أنا أبعد تلك الشظايا، في آخر نقطة على اليابسة في أقصى جنوب غرب كاليفورنيا على المحيط الهادي في أجمل وأغبى مدينة في العالم (سان دييغو).
في هذه الوحدة القاحلة في جنةٍ خضراء لا يرى أهلها برداً ولا حروراً، أعيش منقطعة عن العالم، إلا من أخبار القتل والدمار، ليس لديَّ كل دواوين محمود درويش، ولا تصلني مجلة الكرمل التي يرأسها بجدارة محمود درويش. ليس لديَّ إلا ذكريات جميلة أقتات عليها.
لذلك لن أدخل ميدان النقد وأنا عزلاء، فما أكثر النقاد الذين كتبوا ويكتبون عن شعر محمود درويش ولن أزاحمهم في نظرياتهم وتحليلاتهم.
حسبي من محمود وحسبه مني أنني أحببته دائماً وأعجبت به كألوف القراء، واحتفظ منه بالجميل من الذكريات وبعضاً مما خصني به من كلمات حلوة، كان آخرها سنة 2002 في مهرجان برلين بألمانيا ونحن نستعد لصورة في صالة الفندق قال لي محمود: (أنا أقف الآن بجانب أنانا)... صرت أفتقد محادثة الأذكياء، وأراجع المواقف الماضية. قلت إنني أحببت محمود درويش، وتجنبته قدر الإمكان أو قل أنني أحببته بحذر، لأن هذا الوسيم الموهوب الذي يبدو كطفل مدلل له قساوة صيف بغداد، وتعبير الأطفال إذا ضجروا، وهياجهم إذا استاءوا، وقد صدق حين قال عن نفسه: وتكبر فيَّ الطفولةُ يوماً على صدر يومِ فما كبرت في محمود غير طفولته، وما غيرت من شكله السنون ظل جميلاً كما عرفته وطفلاً يكره القفص الذي يحبس فيه الطفل مع ألعابه، وليس له صبر على الصبر والإغضاء والمجاملة مع من تحبه من النساء، فهو طائر الحب الذي يكره العش وتفقيس البيض.
في لقاء شقيف الشعري بلبنان قبيل الاجتياح الإسرائيلي وكان أبو عمار يرعى ذلك اللقاء، وقد دُعيَّ إليه شعراء وزعماء الأحزاب السياسية، وكان لقاء تاريخياً حقاً.
دعاني أبو عمار للجلوس بجانبه في الغرفة الواسعة التي يصطف فيها المدعوون، ودعا الشاعر أمل دنقل للجلوس إلى جانبه الآخر وكأنه يستضيف العراق ومصر، وكان محمود يجلس في الجهة المقابلة لنا.
لم أكن أقصد والله أن أركز نظري على محمود درويش ولكنه كان دائماً أمامي، وأعترف أن لي عيوناً مراوغة تخيل لكل من حولي أنني أنظر إليه، استفدتُ من هذه الميزة أو هذا العيب أثناء مراقبتي الامتحانات، فكل طالبة كانت تتصور أنني أراقبها بالذات، هذا ما تعوّدت أن أسمعه من طالباتي وطلابي
فوجئت بمحمود يصرخ بي ويقول لي بحدّة:
- حاجي تتطلعي فيَّ.
فرد عليه أبو عمار فوراً:
- يعني تريدها تتطلّع فيَّ أنا؟
وأبو عمار يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد.
بعد الاجتياح فارقتهم إلى قبرص، وهم رحلوا إلى تونس ودعاني أبو عمار إلى تونس ضيفةً عزيزة، نزل في الفندق ذاته محمود درويش، سلّمت عليه وكان بصحبته صديق.. دائماً.
لم يطل جلوسي لحظة، اعتذرتُ لأغادر، قال محمود:
- نحيي فيك خجلك، ونحيي انسحابك.
وفي لقاء سريع مثل هذا قال لمن معه وهو يستفزني:
- لميعة لو تكتب على باب غرفتها: Please disturb me في المرة الثالثة حين رأيته يجلس في صالة الفندق مع مجموعة ناولته قصاصة غير مهذبة من مسودة أبيات وجدتها بين أوراقي وفيها:
(إلى محمود درويش:
أزح يا حبيبي نظارتيك قليلاً لأُمعن فيك النظر
فما لونُ عينيك؟
هل للغروب تميلان أم لاخضرار الشجر
أُحبهما، تتعرى النجومُ
بغير سحابٍ أريد القمر
فو اللهِ من أجل عينيك محمودُ
أصبحت أعشقً قصر البصر)




 


قرأها محمود بسرعة وناداني قبل أن أغيب: تعالي..
قلت: - خير..
قال: - لماذا تنادينني (يا حبيبي) وأنت لا تقصدينها؟
قلتً: - هكذا أنادي كل أولادي.
وضحك الحاضرون فاشتفيت بمحمود.
بعد سنين التقيتُ بمحمود درويش في برلين في مهرجان برلين 2002 محمود الخارج من معركة مع الموت.. وحكى لي كيف قابل الموت وجهاً لوجه وكيف غلبه.. في اليوم الأول من لقاء برلين ألقى محمود درويش قصيدة كمن يروي قصة من ألف ليلة جديدة وكان هادئاً بلا ضجيج ولا صراخ، قصيدة من أجمل وأغرب ما يرد على خاطر بشر، أوحتها حادثة محزنة كالعادة امرأة حامل تقتل برصاص الجنود الصهاينة.
تتابع ما يأخذك محمود درويش إليه في هذه القصة التي تجسد كل المعاني السامية في الإنسانية وهو يخاطب الجندي القاتل وتتصاعد الأحداث التي لم تحدث ولن.. بعيداً عن فوضى الحماس وتتصاعد معها قصة شهرزاد. سلام لمحمود درويش.. ومتعه الله بالصحة.

يتبع....

عندمــــــــــا يبتعــد..قصيدة




للعدوّ الذي يشرب الشاي في كوخنا فرسٌ في الدخان.
وبنتٌ لها حاجبان كثيفان.
عينان بنّيتان.
وشعرٌ طويلٌ كليل الأغاني على الكتفين.
وصورتها لا تفارقه كلّما جاءنا يطلب الشاي.
لكنّه لا يحدّثنا عن مشاغلها في المساء،
وعن فرسٍ تركته الأغاني على قمّة التلّ...
... في كوخنا يستريح العدوّ من البندقيّة،
يتركها فوق كرسيّ جدّي.
ويأكل من خبزنا مثلما يفعل الضيف.
يغفو قليلاً على مقعد الخيزران.
ويحنو على فرو قطّتنا.
ويقول لنا دائمًا:
لا تلوموا الضحيّة!
نسأله: من هي ؟
فيقول: دمٌ لا يجفّفه الليل.../
... تلمع أزرار سترته عندما يبتعد
عم مساءً! وسلّم على بئرنا
وعلى جهة التين. وامش الهوينى على
ظلّنا في حقول الشعير. وسلّم على سرونا
في الأعالي. ولا تنس بوّابة البيت مفتوحةً
في الليالي. ولا تنس خوف الحصان من الطائرات،
وسلّم علينا، هناك إذا اتّسع الوقت.../
هذا الكلام الذي كان في ودّنا
أن نقول على الباب... يسمعه جيّدًا
جيّدًا، ويخبّئه في السّعال السريع
ويلقي به جانبًا.
فلماذا يزور الضحيّة كلّ مساءٍ ؟
ويحفظ أمثالنا مثلنا،
ويعيد أناشيدنا ذاتها،
عن مواعيدنا ذاتها في المكان المقدّس ؟
لولا المسدس
لاختلط الناي في الناي ...
... لن تنتهي الحرب ما دامت الأرض فينا تدور على نفسها!
فلنكن طيّبين إذًا. كان يسألنا أن نكون هنا طيّبين.
ويقرأ شعرًا لطيّار (ييتس):
أنا لا أحبّ الذين أدافع عنهم،
كما أنني لا أعادي الذين أحاربهم...
ثم يخرج من كوخنا الخشبيّ،
ويمشي ثمانين مترًا إلى
بيتنا الحجريّ هناك على طرف السّهل.../
سلّم على بيتنا يا غريب.
فناجين قهوتنا لا تزال على حالها.
هل تشمّ أصابعنا فوقها ؟
هل تقول لبنتك ذات الجديلة والحاجبين الكثيفين إنّ لها صاحبًا غائبًا،
يتمنّى زيارتها، لا لشيءٍ...
ولكن ليدخل مرآتها ويرى سرّه:
كيف كانت تتابع من بعده عمره
بدلاً منه؟ سلّم عليها
إذا اتّسع الوقت...
هذا الكلام الذي كان في ودّنا
أن نقول له، كان يسمعه جيّدًا جيّدًا،
ويخبّئه في سعالٍ سريع،
ويلقى به جانبًا، ثم تلمع
أزرار سترته، عندما يبتعد...

...... 


الأربعاء، 27 أبريل 2011

كلمات الوفاء لدرويــــش....



أيـّهــا الراحــلُ عنّـا


::الشـاعر محمـود درويش::

بقلم: الكاتب/ عمر سعدي 

درويـشُ اسمٌ مـن مفــرداتِ اللـغة ، عـاش الحــلُم مرّتين وفي المرتـــين لم يتحقق من الحــلم غير الاستــيقاظ عــلى عجــل.

درويـش لــغةٌ بـلا لُغـة وعــنوان بلا عُنـوان، وطـنٌ صغـير في الديــار الهـاربة وصـوتٌ شحـيحٌ لضـوءِ القـمرِ ، يحـتَرقُ بِفكـرهِ لكـي يوقـظ عـنفوان الأمـم. مـحمـود درويــش ريشـةٌ أخـرى تُلاطفُ خـدَّ ذاكَ الأفـق وتمنـحُ طيـر هذا الزمــنِ المرهـون للأحـلام يقظـتهُ الطـويلة .

درويــش كـان سفـينة للشـرقِ تحمِلُ فوقـها وجـع البحـار وأغـاني يطـرب الأشرارُ مِـن وَقـعِ خُـطاهـا ومــرايا تَكسِرُ الإيقاع حتـى تولـدَ الكـلمـاتُ مِن رحـمِ القضـية وكـأنَّهـا قضـيتُهُ لِوحـدهِ .

محمـود درويـــش ؛

اسمي

وإن أخطأت اسمي..

 بخمسة أحرف أفقية التكوين لي

ميـم المتيـم والـميتم والمتمم ما مـضى..

حاء الحديقة والحبيبة حيرتان وحسرتان

ميـم المغامـر والمعـد المـستعد لـموته..

الـموعود منفيا مـريض المشتهى

واو الـوداع ؛

الـوردة الـوسطى

ولاء للـولادة أينما وجـدت

ووعد الوالدين ...

دال الدلـيل الـدرب دمعه..

دارة درسـت ودوري يدللـني ويدميـني

وهذا الاسـم لــي ولأصـدقائي أينمـا كانوا...



ربـَّمـا كـانَت الأضـدادُ تمنــحُهُ الهـوية فالـحروف العـابـراتُ كظـلِّهـا من شُـرفةٍ لـم تعـرف من اللغـة إلا المُـفردات النـاعِسـة فكـما كـانت تقـودهُ لكتـابة الأشـعار كانت هـي الأخـرى تُطـلق لأفـكاره العنـان بحـثاً عن هـويةٍ مؤقتــة وكأنَّـهُ عرفَ آنـذاكَ بأنهُ سيمــوتُ منـفياً وأضــرَم فـي مُخـيلتـهِ الخصيـبةِ نـار التـأمل المـرهـونِ بالأيـامِ نضـالاً أبـدياً .

عـرفتُ محمـود درويـش عنـدما سجـل للمـرةِ الأولى اسمـهُ في جـوازِ سـفَري ، فـسجَّلـتُ مِثـلهُ "أنـا عربـي ورقم بطـاقتي خمسـون ألفـاً" ولـم يحـن وقـتُ السفـَر إلا وكـانَت الأضـدادُ تُعـرقلُ التـرحـال وتخـلِّي البـال في فوضـاهُ حـتى بـدأتُ أبحـثُ عن وطـنٍ فـي الوطـنِ الأسـود والـذي بقـيتُ أحسـبهُ مُـعَبَّداً  إلى لحظـاتي تـلك مستـأنِسـةً بنبـضٍ يتبـاطأ تـارةً تـلوَ أخـرى.

اتَّخــذ محمـود درويش الحُـلم مسـكنهُ وحيـاتهُ فتـلاشى الحُلم وبقـي الشـاعـرُ القـلم يحـنُّ إلـى صفـحاتِ الأمـةِ البيـضاء كي يكتُب فـوقها مـا يشاء فبقــي صغـيراً ينتظـرُ الصـدى حـين يعـودُ مرمـياً عـلى ضوضــاء الأرصـفة ودخــان الميــادين المطمئــنة فكـان حنـينُهُ رمـز التمـرّد والتكـاثُف فـي دخـان الضـوءِ والمـاء الذي ترسـو فيهِ مُعـظمُ الكـلمات كمـلحِ الزمـن العمـيقِ الذي تتـحدُ فيـهِ مُعـظَمُ التسـاؤلات وتختفـي مِن خلالهِ جمـيعُ الأسئلة.

أخـذَتنا الغفـلةُ بمـا لدينـا وفرحـنا لَمَّا نسيـنا ولكنّ اليقـينَ النابتَ كالعُشبِ البـريِّ زادَ مـن صحـوتنا قلـيلاً وأبقـانا على أعتـاب دُنــيا غـريبَة الأطـوارِ تمنَـحُ العاشقينَ محبَّـتهَـا التي لا تكــفي كـي تُصـبحَ سلاحـاً فـي وجـوهِ الجبـناء.

درويــش؛

أنـتَ التعـلُمُ والتـألُّمُ

أنـتَ إيـقاعُ الشظـايا وانقـطاع الأزمِـنة

أنـتَ انهـيارُ الذاتِ في قلبِ المرايا المُعـتمة

زهـرةُ الأيـامِ ضـاعَت في حكـايات الزمان

والهـوى انهـار عـلى الريحِ دُخـان

فصـباحُ الخـيرِ للذكـرى

وصــباحُ الخـير يا أيـها الإنسـان



ويبقـى القـلَمُ الهـوية فـاغراً فاهُ ، ملاقـياً تضـاريسَ اللغـة ومُقتحمـاً صـدرهـا الراقِص مُعـلناً صَمـتَهُ الأبـديّ في انتظـارِ صمـتٍ يُطـرقُ رأسَـهُ مِن جــديد بـاحثاً عـن "موضـة جديدة" للفـكر وآخـذةً كيـان القُـنبُلـة فـي سمـاء السـرِّ العمـيق.

محمـود درويـش حـينَ تحـدّى لـم يتحـدى عـدوَّهُ فحـسب بـل حمَّـلَ نفسـهُ الثـورَة وانقـلاب الأزمـنَة وتمـادى في التـدحرُجِ مِن فـوقِ القـممِ الشــامخـة وعـاوَد الكـرَّةَ مرَّاتٍ عديـداتٍ ليصـرعَ سيـِّد الأزمـان ، فوحـدهـا الأزمـان تحمـل الأبطـال فوقَ أكتـافهـا وتمضـي بهِـم إلـى أوَّل مقــبرَةٍ للفـكرِ وتترُكُـهُم هُـناك.

كشـظـيةٍ في الأرضِ ودَّعـتَ الـوطَن الـذي لا زِلـتَ تَبحـثُ عُنـهُ وكـنتَ واثـقاً كـلَّ الثـقة بأنَّـهُ ليـسَ موجـوداً إلا فـي خيـالِك وبقـيتَ تُـصوِّرُهُ للنـاس حتـى صـار جـزءً حقيقياً مــنا وصـار حُـلمَكَ هـو هـويتـنا الأخـيرة.

فـي وسـطِ الضبـاب المجهـري وقـفتَ تُـناضل وعـرفتَ معــنى الضـياع فـي سنـواتٍ تُجــنِّدُهـا الـدموعُ فجـاهـدتَ بأوَّل دمعـةٍ عرفـت عينـاكَ وبقـيتَ تحفـرُ خـندق الفـكر لتـوصل لنـا الحِكمـةَ العُـليا كي نُـروِّض أفكـارنا ونحـلمُ من جـديد.

أنـا لا أمـلكُ لـغةً أتخطّـى فيـها حـاجِز الصـمتِ ولا حتـى حـاجزَ المـوتِ الأخـير، تهتــزُّ مـن فـوقي المعـاني باتجـاهِ النصِّ العنـيد ، تَلفحـني قـوةَ الخيـالِ بنـوبةٍ أخـرى من الصمـتِ ـ لعلـَّك كُنتَ تُـدرِكُ بأنَّ الصمـتَ سِلاحـنا الأخـير ... وبقـيتَ تصـرخُ حتى النبـضة ألأخـرى لـديكَ وبقـينا بـانتظـار قصـيدةٍ أخـرى نقرؤهـا بتمعـنٍ فنـدركُ بأنَّـكَ الآن لـستَ هُـنا .



...........

أيـــن مضى محمود في تعليمه...وبعد التعليم؟



أكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان فيمدرسة دير الاسد متخفيا ، فقد كان تخشى ان يتعرض للنفي من جديد اذا كشف امر تسلله ،وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية ، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف (2 كم شمالي الجديدة. 



بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام. 



اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة، وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية . 



شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين وحرر مجلة الكرمل. كانت اقامته في باريس قبل عودته إلى وطنه حيث أنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه. وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك. ساهم في إطلاقه واكتشافه الشاعر والفيلسوف اللبناني روبير ، عندما بدأ هذا الأخير ينشر قصائد لمحمود درويش على صفحات الملحق الثقافي لجريدة الأنوار والتي كان يترأس تحريرها .


مواقف خالدة...حين بكى محمود درويش في تونـــــــــــس




حين بكى محمود درويش في تونـــــــــــس


 "سنلتقي غداً على أرض أختك فلسطين

  هل نسينا شيئاً وراءنا ؟ 

نعم .. نسينا تلفت القلب , وتركنا فيك خير ما فينا

تركنا فيك شهداءنا الذين نوصيك بهم خيرا" 


هذه الكلمات قالها درويش في وداع تونس التي رأى فيها من 
الألفة والحنان والسند السمح

ما لم يره في مكان آخر , فخرج منها كما لم يخرج من مكان آخر
وآخر كلمات العشق والوداع كانت : حافظي على نفسك يا تونس 

قبل أن يخرّ .. باكياً

لمـــــاذا تركت الحصان وحيدا... قصيدة

لمــاذا تركت الحصان وحيــــــدا 


عِنْدَمَا يَبْتَعِدْ

للعدوِّ الذي يَشربُ الشَّاي في كوخِنا
فَرسٌ في الدُّخانِ.وبنْتٌ لها
حاجبانِ كَثيفانِ.عَينانِ بنِّيتان.وشَعرٌ
طَويلٌ كَليلِ الأغاني عَلى الكَتفينِ.وصُورَتها
لا تُفارقهُ كُلَّما جَاءنا يَطلبُ الشَّاي.لَكنَّه
لا يحدثُنا عَن مَشاغلها في المساء، وعَن
فَرسٍ تَركتهُ الأغَاني عَلى قِمَّة التلِّ…/

…في كُوخنا يَستريحُ العدوُّ من البُندقية،
يَتركها فَوق كُرسيِّ جدِّي.ويَأكل مِن خُبزنا
مِثلما يفعل الضَّيفُ.يغفو قليلاً عَلى
مِقعد الخيزرانِ.ويحنو على فَروِ
قطَّتنا.ويقول لنا دائماً:
لا تَلوموا الضحيَّة!
نَسأله: مَن هيَ؟
فيقول: دمٌ لا يجفِّفه الليلُ…/

… تلمَع أزرارُ سُترتهِ عِندما يَبتعدْ
عِمْ مَساءً! وسلِّم على بِئرنا
وعلى جهة التين.وامْش الهُوينى على
ظلِّنا في حُقول الشَّعير.وسلِّم على سَروِنا
في الأعالي. ولا تنسَ بوَّابة البيتِ مفتوحةً
في الليالي. ولا تَنْسَ خوفَ
الحصان منَ الطَّائرات،
وسلِّم علينا، هُناك، إذا اتَّسع الوقتُ…/

هذا الكَلامُ الذي كَان في ودِّنا
أن نقولَ على الباب…يسمعه جيَّداً
جيَّداً، ويخبِّئه في السُّعال السَّريع
ويلقي بهِ جانباً.
فلماذا يَزور الضَّحيةَ كلَّ مساءٍ؟
ويحفظ أمثالنا مِثْلنا،
ويعيد أناشيدنا ذاتها،
عن مواعيدنا ذاتها في المكان المقدَّس؟
لولا المسدسُ
لاختلط النايُ في النايِ…/

…لن تنتهي الحربُ ما دامتِ الأرض
فينا تدورُ على نفسها!
فلنكن طيِّبين إذاً. كان يسألنا
أن نكون هنا طيِّبين. ويقرأ شعراً
لطيَّار((ييتس)): أنا لا أحبُّ الذينَ
أدافعُ عنهم، كما أنني لا أُعادي
الذينَ أحاربهم…
ثم يخرج من كوخنا الخشبيِّ،
ويمشي ثمانينَ متراً إلى
بيتنا الحجريِّ هناك على طرفِ السَّهل…/

سلِّم على بَيتنا يا غَريب.
فَناجين ُ
قَهوتِنا لا تزال على حالها. هل تشمُّ
أَصابعنا فوقها؟ هل تقول لبنتكَ ذات
الجديلةِ والحاجبين الكثيفين إنَّ لها
صَاحباً غائباً،
يتمنَّى زيارتها، لا لشيءٍ…
ولكن ليدخلَ مرآتها ويرى سرَّه:
كيف كانت تتابع من بعدهِ عمره
بدلاً منه؟ سلِّم عليها
إذا اتَّسع الوقت…/
هذا الكلام الذي كانَ في وِدِّنا أن نقولَ له، كان يسمعهُ جيداً
جيداً،
ويخبِّئه في سُعالٍ سريعٍ،
ويُلقي به جانباً، ثم تلمعُ
أزرار سترتهِ عندما يبتعدْ…


....

كتبوا في درويـــــــش.....


الكاتب : سري القدوة/ رئيس تحرير جريدة الصباح-فلسطين

على هذه الأرض ما يستحق الحياة .. هو أنت محمود درويش!!

هي الروح التي تعانق الجسد .. هو أنت الصوت الذي جعل من جذمة أفقا .. هو أنت سيد روحنا وفكرتنا .. هو أنت المتمرد الأول فينا .. هو أنت قبلتنا الأخيرة .. هو أنت من تمرد على الموت وجعل الموت أسطورة .. هو أنت الذي استيقظ في الليلة الأولى على علم من لون واحد يسحق علم من أربع ألوان .. هو أنت الكرمل والكرمل أنت .. هو أنت معلمنا وسيد روحنا وفكرتنا وحبنا الأول .. هو أنت الذي شكلتنا سيدي بتلك التعابير التي صنعت منا وحيا يحلق في سماء الكون .. هو أنت الإنسانية و أنت صاحب المناظرة الأولى للوطن الكبير.. هو أنت اللغة التي صنعتنا من ليالي الشوق والحنين والأسلاك الشائكة والقضبان الحديدية .. هو أنت الحلم المتبقي فينا .. هو أنت الفلسطيني الأول الذي صاغ حكايتنا ودولتنا واستقلالنا.. هو أنت اللحن الأول لصوت المولود الأول.. هو أنت صاحب آياتنا الشعرية وحكايتنا وحبنا المتمرد في بيروت .. هو أنت الذي عشقناه دون أن نراه .. هو أنت روحنا سيدي .. هو أنت اللغة والكلمات والمفردات التي تمردت على المعلقات الذهبية وتصدت يوما لأبره الحبشي وتألقت في دمشق الشام وعانقت أسوار القدس العتيقة .. هو أنت المجد الباقي والمتبقي فينا .. يا تكوين حياتي يا لحظات شوقي وصوت غربتي .. يا أيها القادم من هناك .. انهض تمرد .. استيقظ من نومك قليلا .. استيقظ من ثباتك قليلا .. كم نحتاجك الآن سيدي نحتاج إلى حكمتك وتمردك وفلسطينيتك الأصيلة .. نحتاج إلى من علمنا كيف نعلن حدادنا على أرواح الموتى الأحياء منا قبل الأموات..

سيدي .. يا سيد الشعر والشعراء سيدي محمود درويش

كم هو مؤلم أن نكتب لفلسطين من خارج فلسطين فأنت عكست المعادلة وتألق صوتك في قاعات بيرزيت والكرمل لأنك عشقت اللون الأخضر..  عشقت رائحة البرتقال الزهري .. عشقت الوطن حكاية عشق وحلم جميل .. ما أصعب أن نتألم سيدي على فراق نصف الجسد .. ما أصعب سيدي أن يسحق العلم الفلسطيني وأن تمزق صور شهدائنا هل تذكرهم سيدي .. هل تذكر ياسر عرفات هل تذكر صلاح خلف هل تذكر أبو جهاد حقا تعرفهم جيدا .. ما أصعب أن نسحق أنفسنا في حذاء الحقد الأسود..  وما أصعب أن نكون عبيدا للغرباء .. وما أصعب أن نقتل بعضنا بعضا .. ما أصعب أن نعيش في حكومتين ورئيسين ومجلسين للحكومة .. ما أصعب أن لا نتنفس هواء غزة .. وما أصعب أن نحلم في الضفة الغربية .. ما أصعب أن نمزق أنفسنا بين العواصم العربية .. وما أصعب أن نرهن أنفسنا لاحتواء البعض .. وما أصعب أن تكون الخيانة مجرد وجهة نظر ... ما أصعب أن تعيش في زنزانة يكون سجانك فلسطيني .. وما أصعب أن تسحق في غرف التحقيق من جلاد فلسطيني .. وما أصعب ان نتاجر بمقاومتنا .. وان نبيع سلاحنا بثمن بخس في سوق المزايدات السياسية.. وما أصعب أن نفقد البوصلة تجاه الوطن ونتوه في متاهات الردة .. وما أصعب أن نتجرع أيام الغربة وان نفقد الأمل وأن نعيش حلكة الغربة وأن نكتب للوطن عن الوطن .. ما أصعبنا وما أقسانا وما أوسخنا وما أروعك محمود وأنت تتألق فينا لتبعث رائحة الشوق من جديد .. ما أحوجنا إليك يا محمود لتكون الموحد فينا لنقرأ آياتك شعرا وحبا ووفاء لتكبر وتتألق من جديد ..

هو أنت الفلسطيني الأول سيدي هو أنت الذي حلمت بك قبل صلاة الفجر وكنت حلما جميلا .. كنت أنت محمود أنت حبيب عمري وحياتي والمتبقي للأبد وحتى الأبد  ...

هو أنت محمود الذي تربعت على عرش شعرك وصغت تكوين الإمارة .. هو أنت الذي أحببناك وطنا ومقاومة وسلاحا ورصاصا وورده.. هو أنت الذي رحلت قبل الأوان وتركتنا وحدنا نلهث في سراب البحر ونفترش رصيف الغربة قسوة وحكاية لم ولن تنتهي .. هو أنت الذي تمردت على صنعاء واحتضنتك عاصمة الصحراء  .. هو أنت سيد التكوين والكون والشعر بدونك يرفض أن يرى النور   .. هو أنت لك لونك ورائحتك وعطرك وشذاك .. هو أنت الدفء في الصيف ولحظات الرومانسية والتجلي الروحي .. يا سيد روحنا يا حبيبنا يا من كنت صورتنا ورسالتنا وشعرنا .. يا من كنت الفلسطيني الذي رفض الركوع والخنوع والذل والإهانة .. يا من علمتنا أن نتمرد على فشلنا وهزائمنا .. إليك منا الحب في يومك .. يوم رحيلك .. يوم ان تألقت علينا وعلمتنا كيف يكون الموت هادئا له روعته وهيبته وصمته .. إليك منا الوفاء والبقاء والعهد .. إليك منا فلسطينيتنا ستبقى عربية أصيلة كما هو أنت سيدي ..  إليك عهدنا يا ملهم كلماتنا .. ويا صانع حلمنا .. يا أيها الفلسطيني الأول لك كل الحب والقبلات .. لك كل الشوق والدفء والآهات..  لك يا سيدنا عهدنا أن نكون صوتا حرا ورسولا..

يتبـــــــع.....

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

السيــــــرة الذاتية للشـــاعر

محمود درويش (13 مارس 1941 - 9 أغسطس 2008)، أحد أهم الشعراء الفلسطينين واللغة العربية الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن بالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.


ولد عام 1941 في قرية البروة وهي قرية فلسطينية تقع في الجليل[2] قرب ساحل عكا.حيث كانت أسرته تملك أرضا هناك. خرجت الأسرة برفقة اللاجئين الفلسطينيين في العام 1947 إلى لبنان ،ثم عادت متسللة العام 1949 بعيد توقيع اتفاقيات السلام المؤقتة، لتجد القرية مهدومة وقد أقيم على أراضيها موشاف (قرية زراعية إسرائيلية)"أحيهود" وكيبوتس يسعور. فعاش مع عائلته في قرية الجديدة.


بعد إنهائه تعليمه الثانوي في مدرسة يني الثانوية في كفرياسيف انتسب إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي وعمل في صحافة الحزب مثل الاتحاد والجديد التي أصبح في ما بعد مشرفا على تحريرها، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر التي كان يصدرها مبام.


اعتقل من قبل السلطات الإسرائيلية مرارا بدأ من العام 1961 بتهم تتعلق بتصريحاته ونشاطه السياسي وذلك حتى عام 1972 حيث توجه إلى للاتحاد السوفييتي للدراسة،[8] وانتقل بعدها لاجئا إلى القاهرة في ذات العام حيث التحق بمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، علماً إنه استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجاً على اتفاقية أوسلو. كما أسس مجلة الكرمل الثقافية .